عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
145034 مشاهدة print word pdf
line-top
ذكر نِعَم الله تعالى على عباده

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نعم الله علينا كثيرة أهمها نعمة الإسلام. حيث جعلنا مسلمين لم يجعلنا من اليهود أو من النصارى أو من المشركين أو من المجوس أو من الوثنيين.
نعمة ثانية: وهي نعمة التوحيد حيث إن كثيرا من المسلمين يعبدون غير الله، يدعون الأموات من دون الله. يدعون عليا ويدعون الحسين ويدعون البدوي ويدعون العيدروس ويدعون الجيلاني وما أشبه ذلك. وهذا شرك يحبط الأعمال كما قال الله تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
نعمة ثالثة: نعمة العقيدة وهي أن الله هدانا لهذه العقيدة التي عليها الصحابة والتابعون وسلف الأمة. الإيمان بأسماء الله تعالى وبصفاته، وبما له من صفات الكمال. والإيمان بما أخبر الله به من الأمور الغيبية، وكذلك بقية العقيدة.
كذلك نعمة رابعة: وهي نعمة الهداية حيث إن كثيرا من الذين يتسمون بأنهم موحدون ومن أهل السنة لكنهم مع ذلك وقعوا في المعاصي، وارتكبوا الآثام، ووقعوا في أنواع من الجرائم فأباحوا ما حرم الله تعالى، وتركوا طاعته. فإذا أنعم الله على من هداه وأطاعه واتبع رضاه واتبع شريعته فإنها نعمة كبيرة.
كذلك نعمة خامسة: وهي نعمة الأمن. أمن البلاد حيث إن الأزمنة السابقة كان الكثير يخشون. يخشون من الأعداء ولو من بني جلدتهم يقتل بعضهم بعضا، ويسبي بعضهم بعضا. فكانوا في ذلك في خوف وفي اضطراب في حياتهم.
نحن في هذه الأزمنة- والحمد لله- اطمأنت بنا الحياة، وأَمِنَّا أَمْنًا تاما بحيث إن الإنسان يقطع مئات الكيلوات أو الألوف لا يخاف إلا الله تعالى آمنا في سربه. وهذه نعمة من الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها .
ونعمة سادسة: وهي نعمة الصحة. ونعمة سابعة: وهي نعمة الثروة الجدة والغنى وهي من أفضل النعم. وكذلك أيضا نعمة ثامنة: وهي نعمة الفراغ. هاتان النعمتان ذكرهما النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر بأن الكثير من الناس يضيعونهما في قوله: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ .
لا شك أن هذه النعم تستدعي من الإنسان أن يذكر الله حتى يزيده من فضله. ولأجل ذلك قال الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ولا شك أن من شكر نعم الله شكر الله تعالى على هذه النعم، الاعتراف بأنها فضله وبأنها منه وعطاؤه. وبأن الإنسان لم يحصل على ذلك بحوله ولا بقوته ولا بحيلته، ولكن الله هو الذي يسر له وهو الذي أعانه وسدده. وذلك أيضا بلا شك من آثار طاعته فإن العباد كلما أطاعوه وعملوا له أعمالا صالحة فإنه يزيدهم من فضله ويسددهم وينصرهم ويعليهم ويرفع من شأنهم.
وإذا عصوه فإنه يسلط عليهم ولأجل ذلك يقول العلماء: إن المصائب إنما تكون عقوبات على السيئات. فإذا عصى الإنسان ربه فلا يأمن أن تحل به العقوبة، وأن تنزل به نكبة أو مصيبة كما قال بعض العلماء: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
أعود فأقول: إننا قد وفقكم الله تعالى حيث وفدتم إلى هذه البلدة. البلدة المقدسة التي حرمها الله والتي أمر بعبادته لأجل تحريمها. قال الله تعالى: إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا يعني مكة المكرمة جعلها الله بلدة حراما. حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض وجعلها مقر بيته البيت العتيق الذي أعتق من الجبابرة، والذي هو أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ بني بأمر الله تعالى لأبينا آدم لما أهبط إلى الأرض بنته الملائكة حتى يألفه ويطوف به كما كان الملائكة يطوفون في السماء بالبيت المعمور، وأمرنا الله تعالى بأن نتوجه إليه في عباداتنا، وبالأخص في الصلاة فقال تعالى: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ أي توجهوا نحوه في صلاتكم. فاستقبال القبلة في الصلاة شرط من شروطها. لا يصح أن يستقبل غيرها من الجهات، وهو يقدر على معرفة جهة القبلة. فإذا وفقكم الله تعالى إلى أن وصلتم إلى هذه البقاع المشرفة فإنها نعمة كبيرة من الله تعالى عليكم.

line-bottom